[justify]
رجوع الأموات بعد الممات ... لمعاقبة من محض الظلم محضاً في الحياة
كتبت هذا التحليل في البحث البسيط عن الرجعة بمناسبة المولد الأغر لأمامنا المنتظر الحجة بن الحسن صلواة الله وسلامه عليهم ومنقذ البشرية من الهلاك إلى الأمان ، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد إن مليئت ظلماً وجوراً ونسألكم الدعاء ، وأن يجمعنا المولى القدير تحت لوائه والأستشهاد بين يديه
وأفاق تجلت لمعهودٍ ، تحيا به القلوب ، وترتغف منه العقول درراً ، وترسمه اللمى شموخاً وزهواً ببهاء أطلالته الرشيدة والعاقبة للمتقين
بسم الله الرحمن الرحيم
وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيء بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
الأهداء
إلى من أرتقاه الصدق من سنن الأولين وأرساه في فيحاء الذات وسقاه النبل والأخلاص ليحيا في قلوب المتقين
إلى من نظر إلى أحقية الورى في منزلة الولاية فعتصر قلبه كمداً للآل وأشرئبت أوداج المنى ليوم آت ومحال لقوم لايستبصرون
إلى من نبذ التشفي في أجحاف حق الغير وسار على أواصر المودة في القربى أمتثالأً لأوامر مولاه وموالاة لمحبيه
إلى من تمحص الأشياء قبل الولوج في محاكاة الأنام والأنقياد خلف قرائن الترهات ومهالك النزوات
المقدمة
إن كل مؤمن يتسم بصفات التقوى ومناهل النبل وفيوضات الورع التي تستوجب عليه قوة الأيمان ورصانة البنيان من خلال التمسك بأصول الدين وعقيدة الوجود لواجد الوجود من العدم أيس الأيسات ، ولايستقيم ذلك الوجود إلا به
فيستوجب عليه التأني في سرد الحقائق التي أقتبسها من القرآن الكريم والسنة النبوية ومراعاة مناهجة المختلفة في التفسير والخوض في تبني المسار الصحيح للعبادة من خلال منحى مفهوم التنزيل والتأويل ولحاظ الحقب التي أندرست فيها هذة النصوص ومن قام بالتنزيل ومن وكل بعدئذ بالتأويل وهل تعتبر معرفتها أصولها وفروعها واجب تعبدي
ولونبعث عن مفهوم الرجعة أنها بعث موقوت في الدنيا ومحدود كمّاً وكيفاً ، ويحدث قبل يوم القيامة التي تندرج ضمن فروع الدين لدى الأثنى عشر نجدها من الأعتقادات الأساسية المتفرعة عند الأمامية ولها أرتباط مباشر بالأمامة وفي أصول الدين كالنبوة والميعاد وقال بعض العلماء لها علاقة بالتوحيد وتعتبر من العلل في أثبات علة العلل ، وسبب أرتباطها ببعض أصول الدين كالميعاد والنبوة لأنها أمر خارق ولايدركة العقل وهي من معجزات الرسول صل الله عليه وآله ومن الفروع المناط معرفتها في ظهور المهدي عجل الله فرجه الشريف
وجهات الشبهة والأختلاف بين الميعاد والرجعة
وبلحاظ إن الميعاد نوع من رجوع الموتى من قبورهم بعد الموت للحشر ونسميها بيوم القيامة أما في عالم الدنيا نطلق عليها الرجعة ، وإن المفهومين الميعاد والرجعة هنا رجوع الروح إلى نشأة جسدية ، ولكن يوجد أختلاف بينهما
أولاً : إن الميعاد يوم القيامة وإن الرجعة بعالم الدنيا هذا من ناحية
ثانياً : ويعتبر في الميعاد جملة وتفصيلا رجوع جميع الأنام يوم القيامة للحساب ، أما في موضوع الرجعة رجوع جملة من الناس إلى الدنيا
ثالثاً : يعتبر الميعاد من أصول الدين أما الرجعة من الأعتقادات المتفرعة عند الأمامية
رابعاً : أن منكر الميعاد كافراً عند المسلمين ، أما الرجعة تعتبر من ضروريات المذهب عند الأثنى عشر كالأمامة والعدل والرجعة
خامساً : أئتلاف الزمان والمكان في حيز يوم القيامة بالنسبة للمعاد وأختلاف التزامن في الرجعية بيد إن الرجعة زمانها يسبق الميعاد
بمشيئة الله سبحانه وتعالى
المبحث الأول
ماهو المقصود بالرجعة
الرجعة لغةً : هي العودة
الرجعة أصطلاحاً : هي عودة جماعة من الأموات بصفات معينة من عالم البرزخ إلى عالم الدنيا عند ظهور الموعود الأمام الحجة عجل الله فرجه الشريف بمعني رجوع الحجج الالهية و رجوع الائمة الطاهرين و رجوع ثلة من المؤمنين و غيرهم الى الدنيا بعد قيام دولة المهدي عجل الله فرجه الشريف
المقصود بالرجعة على سبيل الأطلاق اللفظي أوالأستغراق الزماني للحدث الموعود منه تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم والرجعة عودة جماعة من الناس قد وصفهم الله بالأيمان والتقوى وآخيرين نقيض ذلك تماماً كما صرحت به الروايات ويتم الرجوع لهولاء الأنام الجسد مقترن بالروح لأمر آلهي قد أستوجب الأنتظار له والتأمل بماهية حدوثه مستقبلا بأرادته وتقدره
المبحث الثاني
من هم الذين يرجعون
قول الصادق عليه السلام
ليس أحد من المؤمنين قتل إلا ويرجع حتى يموت ولا يرجع إلا من محض الأيمان محضاً ومحض الكفر محضاً )
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد) سورة الأسراء آية ٥
و روى الطبرسي في (مجمع البيان) عن الباقر عليه السلام قال : ( كل قرية أهلكها الله بعذاب فأنهم لا يرجعون ) إلا إذا كان لهم قصاص كما لو قتلوا ظلما و لم يكونوا ما حضين للإيمان أو الكفر فأنهم يرجعون مع قاتليهم فيقتلوا قاتليهم و يعيشون بعد إن يقتصوا منهم .. ثلاثين .. ثم يموتون في ليلة واحدة . و هو الحشر الأول الذي أشار إليه سبحانه بقوله : ( ويوم نحشر من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ) سورة النمل آية ٨٣
و هو قول الصادق : عليه السلام و الدليل على إن هذا في الرجعة قوله تعالى ( و يوم نحشر من كل امة من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا) قال: ( الآيات أمير المؤمنين و الأئمة عليه وعليهم السلام )
المبحث الثالث
لماذا يرجع
الهدف الأول : من الرجوع
قد يسأل البعض الذين يستبصرون لماذا الرجعة من الواضح إن الله لايحيف حق عبد من عباده وإن الله يريد أن يذيق العذاب في الدنيا للذين محضوا الكفر محضاً قبل العذاب الأخروي على يد الورى في الدولة الأسلامية الكبرى والتي تسمى دولة الأمام المنتظر صلوات الله وسلامه عليه لكي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مليئت ظلماً وجوراً كما قال سبحانه وتعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر والمعنى المقصود به في العذاب الأدنى أي عذاب الدنيا عند الرجعة
الهدف الثاني : من الرجوع
من الذين سوف يرجعون الذين محضوا الأيمان محضاً فالمراد من رجوعهم إلى الدنيا على أنهم ذاقوا الظلم على مستوى الجزع والكمد من الذين محضوا الكفر محضاً والله يريد أن يكافئهم على أيمانهم وتقواهم وجهادهم ومالحقوه من الأذى في سبيل الله ومشيئة الله أقتضت أن يريهم عدله في الدنيا لكي تقر عيونهم وتفرح قلوبهم في دولة أسلامية كبرى يحكمها الأمام المهدي عند ظهوره عجل الله فرجه الشريف
وهذا الأمر من أمل الأنبياء وطموح الأوصياء والأولياء ولايتحقق هذا الأمل إلافي خاتمة عالم الدنيا وهذا من مستلزمات عاقبة المتقين والأصفياء الأبرار وبوجود دولة المرجوة لصاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف
الهدف الثالث : من الرجعة
من البديهي إن الله ذكر في كتابه العزيز أظهار آية من آياته للطرفين للمؤمنين وإن وعد الله حقا ، وإلى المارقين الذين محضوا الكفر لكي يؤمنوا بأن هذا أظهار آية من آيات الله العظمى وتكريماً لهم وجزاء لهم لما عملوه في دار الدنيا من الجهاد والأيمان المحض في أرضاء الله سبحانه وتعالى
الهدف الرابع : من الرجعة
لدينا كثير من الامور فى عالم التكوين والتشريع. لم يتضح لنا الغرض والهدف منها وهذا ليس معناه انه لم يكن فيه غرض فليكن هذا منه
الهدف الخامس : من الرجعة
ترغيب و تشجيع للسير نحو الكمال والالتزام بتعاليم الدين الحنيف، كى يوفق بلقاء المعصوم في الدنيا .كما انه تحذير للمنافقين والظالمين ليرتدعوا عن غيِّهم وضلالهم قبل أن يبتلوا بعذاب الدنيا قبل الآخرة و هناك نقاط وجهات أخرى تركناها رعاية للاختصار.
المبحث الرابع
ماهي الأدلة على الرجعة
من الأدلة الواردة عن مفهوم الحيقيقي للرجعة كثيرة ولكن هنا نستطرق الأدلة التالية
الأدلة العقلية من الممكنات الوجودية في حيز الوجود الفاني
الأدلة القرآنية على مصطلحين التنزيل بالنص والتأويل بالتفسير
الأدلة النقلية بلحاظ السنة النبوية الشريفة بجميع أنواعها
أولاَ : الأدلة العقلية
لوتفحصنا جميع الممكنات من حيث أحتمال الوقوع بدون تعارض من العقل البشري والمستحيلات التي لايحتمل وقوعها مطلقاً ولو علي سبيل المثال ، لوجدنا إن موضوع الرجعة من الممكنات المستفيضة المعنى في حصول الدلالة الأدراكبة لها وهي من أمارات الأعجاز القرآني ولأختبار الأيمان وهي حقيقة واضحة للمخبتين ونستعرض هنا المستحيلات وهي أربعة ويستحيل وقوعها ولوأحتمالاَ لكي نبينها ونعرف هل إن الرجعة تندرج تحت هذه المسميات أوأنها مفردة من هذه المفردات التي يستحيل وقوعها أم لا إنها من المرجحات الوقوع في دار الدنيا وهي
أجتماع النقيضين
من المعقول إن النقيضان لايجتمعان ولايرتفعان وهذا مسلم لجميع العقلاء بدون أي أعتراض مثال ذلك كوجود زيد وعدم وجوده في آنٍ واحد أي وجوده وعدمه في نفس الزمان والمكان ، وكذلك لايرتفعان حيث أنك عندما تقول لاسلب ولاأيجاب
التسلسل
أما بالنسبة للتسلسل لاتستطيع أن تبرهن وتقول تستمر حلقة العلل والمعلولات إلى مالانهاية وهذا ليس من الممكنات لأن كل تعليل له علة أما تكون وجودها مادي وتعتبره من المحسوسات المادية ، أو وجودها معنوي لاتدركه العيون بالأبصار ولكن تراه القلوب بحقائق الأيمان ومخلوقاته برهان على واجد الوجود ، وإن السلسلة وقفت عند الخالق جل وعلا وتسمى علة العلل الحقيقة المطلقة وعندما تسأل لماذا لايقال أستناد المحتاج إلى الأيجاد إلى محتاج مثله إذا أستمر إلى مالانهاية فهنا تدرك إن علة العلل قائمة بذاتها ودليله موجوداته التي لها العمق الزماني في وجودها المادي ، وإن أستمرار هذه السلسلة بلحاظ المعنى تعني عدم الوجود البته ولأن الله مابعده علة ولوكان له علة لكان الوجود وعدمه شئ واحد أي وجد الوجود من الصدفة وهذا ضرب من المحال
الدور
وهنا نحن نسرد بعض الأمثلة عن الدور نقول مثلاً أ من ب وكذلك ب من أ وهذا لاتتوفر فيه مقومات الأمكان كالنشأة والتكوين ومن اللازم أن تكون العلة لشئ غير معلول لذلك الشئ لأن الواجد يسبق العدم أي العلة تسبق المعلول فمن الناحية الأدراكية لملكة العقل نستدل على إن الرجعة ليست من المستحيلات ووارد حدوثها في أي زمان ، كما حدثت في الأمم السابقة الجسم البشري بعد تفسخه يعود إلى عالم الدنيا ، وهذا لاتدركه كل الالباب وخلاف العادة وليس خلاف العقل ومن الممكن حدوثها عند ظهور الحجة عجل الله فرجه الشريف
ونستدل بذلك فليس من العادة أن يحلق الأنسان إلى السماء الدنيا في زمن لاتتوفر مقومات الطيران كالتكنلوجية المعروفة ، كما حدث للنبي محمد صل الله عليه وآله عندما عرج إلى السموات السبعة ومن أيات الله العظمى إنشق القمر للرسول صل الله عليه وآله هذا ماحدث في عصر الأسلام
ولكن أيضاً وقعت في عهود ماقبل الأسلام ، فليس من العادة أنشقاق اليم لموسى عليه السلام ونجاه الله من فرعون ومواليه ، وكذلك ليس من العادة إن تكون عصا موسى ثعباناً ولكنها صارت حية تسعى وهناك كثير من المعجزت خرقت العادة وهي تسديدا للرسول وكرامة لأوليائه
أجتماع المثلين
بيد إن المثلان لايجتمعان مطلقاً وهنالك أمثلة على ذلك منها أنت موجود في هذا المكان المعين وموجود في بيتك تزامناً في الزمان والمكان
الأدلة القرآنية
إن آيات القرآن الكريم قطعية الثبوت والدلالة
هنالك آيات كثيرة محكمة ومتشابهة أي نصية الصدور والتفسير والبعض الآخر منها مأولة التفسير ولايعرف تفسيرها إلا أمام معصوم أوعالم همام وجهبذ مقدام الذي تتوفر فيه معرفة علوم كثيرة كالتنزيل والتأويل وغيرها
- ١ -
قال تعالى ( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم ) سورة البقرة آية ٢٦٠
وتفسير( فصرهن أليك ) يعني أجعل رؤسهن مائلة اليك والله سبحانه وتعالى قال له ( أدعوهن يأتين لك سعياً ) وهكذا فعل نبي الله أبراهيم عليه السلام كما أمره الله جل وعلا ، وهنا لونتأمل في الآية نجد إن موسى عليه السلام أستخدم الولاية التكوينية
الشاهد من الآية المباركة
إن الله جل وعلا قد أمات هذه الطيور ، وقطعت أرباً أربا وجمعت لحومهما ومن ثم ولي الله أبراهيم لكي تعود هذه الطيور اليه حية
- ٢ -
قال تعالى ( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ) سورة البقرة آية ٢٥٩
الشاهد من الآية المباركة
وهذه الآية تعبر عن قصة عزير عندما مر على قرية معذب أهلها بعذاب الأستقصاء ، عندما رأى جنتهم هامدة فقال عزير كيف يستطيع الله سبحانه وتعالى أن يحي هذه الجنة التي لحقها العذاب وأصبحت هامدة قال الطبرسي : الذي مرَّ على قرية هو عزير ، وهو المروي عن أبي عبدا لله عليه السلام
والجواب هنا لأمير المؤمنين علي صلوات الله وسلامه عليه عندما سئل عن أخوين ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد لكن أحدها كان أطول من الآخر عمراً ؟
فأجاب على ذلك قائلاً ذلك في عزة وعزير ، عزرة ولد مع عزير في نفس اليوم وكان عمر عزير٢٥ سنة مع عزرة أي عاشا سوية ٢٥ سنة ثم أمات الله عزير مأة عام ، ثم عاده الله عزوجل للدنيا ثم إن عمره مع بعض ١٢٥ سنة ثم أماتهم الله معاً ، فكان عمر عزرة ١٥٠ سنة وعمر عزره ٥٠ سنة
ذكر جماعة من أهل العلم أنَّ ابن الكواء الخارجي قال لأمير المؤمنين علي عليه السلام : يا أمير المؤمنين ، ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا ؟
قال عليه السلام : « نعم ، أُولئك ولد عزير ، حيث مرَّ على قرية خربة ، وقد جاء من ضيعة له ، تحته حمار ، ومعه شنّة فيها تين ، وكوز فيه عصير ، فمرَّ على قريةٍ خربةٍ ، فقال : ( أنَّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتِها فأماتَهُ اللهُ مائةَ عامٍ ) فتوالد ولده وتناسلوا ، ثمَّ بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه ، فأُولئك وُلده أكبر من أبيهم
- ٣ -
قال تعالى ( ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم ) سورة البقرة آية ٢٤٣
الشاهد من الآية المباركة
جميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة تدل على أنَّ هؤلاء ماتوا مدة طويلة
ما ذكر في الآيات السابقة بذكر بعض أخبار الماضين لأجل الموعظة والاعتبار بما تتضمنه الوقائع والآثار ، كما هي سنة القرآن ، في تنويع التذكير والبيان ، وفي هذه الآية مجموعة خرجوا من ديارهم حذر القتال ، أي أنهم فروا من الزحف والقتال في سبيل الله أي الجهاد فكتب الله عليهم الموت ثم مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرمي فقال : لو شئت يا ربِّ لأحييتهم ، فيعمروا بلادك ، ويلدوا عبادك ، ويعبدوك مع من يعبدك ، فأوحى الله تعالى إليه : أفتحبَّ أن أحييهم لك ؟ قال : نعم . فأحياهم الله تعالى وبعثهم معه ، فهؤلاء ماتوا ، ورجعوا إلى الدنيا ، ثم ماتوا بآجالهم وجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة تدل على أنَّ هؤلاء ماتوا مدة طويلة ثم أحياهم الله قال الشيخ الصدوق : كان هؤلاء سبعين ألف بيت وهذه رجعة إلى الحياة الدنيا بعد الموت وقعت في بني أسرائيل وهي دليل على الأمكان في الوقوع وأجحى وأقوى من البرهان
- ٤ -
قال تعالى : ( وإذا وقعَ القولُ عَليهم أخرَجنا لَـهُم دابَّةً مِنَ الأرض تُكَلِّمُهُم أنَّ الناسَ كانُوا بآياتِنا لا يُوقِنُونَ ) * ( ويومَ نَحشُرُ مِن كُلِّ أُمّةٍ فوجاً ممن يُكذِّبُ بآياتِنا فَهُم يُوزعُونَ ) * ( حتَّى إذا جاءُوا قال أكذّبتُم بآياتي ولم تُحيطُوا بها عِلماً أمَّاذا كُنتُم تَعملُونَ ) سورة النمل آية ٨٢ - ٨٤ ، إلى قوله تعالى : ( ويومَ يُنفخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ من في السَّماواتِ ومن في الأرض إلاّ من شاءَ اللهُ وكلٌّ أتوهُ داخرينَ ) سورة النمل آية ٨٧
الشاهد من الآية المباركة
من خلال سياق الآية المباركة وماروي عنها من تفسير ، يلاحِظ أنَّ هناك ثلاثة أحداث مهمة تدلُّ عليها
فالآية الأولى تتحدث عن وقائع تحدث قبل يوم القيامة ، والآية الثانية تتعلق بالأولى ، حيث أنها تتحدث عن الحشر الخاص الذي يقع قبيل يوم القيامة ، وهذا الحشر قد وقع بين آيتي ( الدابة ) و ( النفخة ) وهي الآية الأخيرة .
- ٥ -
قال تعالى ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ) سورة غافر آية ١١
الشاهد من الآية المباركة
هذه الآية من الآيات الصريحة بالرجعة هي أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ قال بعض المفسرون تعني الموته الأزلية قبل الحياة الدنيا
- ٦ -
قال تعالى ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) سورة البقرة آية ٢٨
الشاهد من الآية المباركة
هنا ماعبر عن العدم قبل الدنيا تسمى موته فيقولون هذه الموته الأولى ، أما الموته الثانية بعد الدنيا وهذا تفسير خاطئ كيف حياتين كيف التي هي في الدنيا ، والحياة الأخرى التي هي في البرزخ ولكن من خلال سياق الآية القرآنية رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا هنا يعني أنك موتنا موتتين ، نأتي إلى الموتتين يقيناَ أنها حصلت في الآخرة علماً أن الموت قبل الدنيا هذا ليس له مدخلية بالآخرة لكن الموته الثانية يعني الموت بعد الدنيا لها الأثر بحصول اليقين ، وذلك لأن هذه الموته هي التي تنقلك إلى العوالم الأخروية أي عالم الآخرة ، وبلحاظ يقيناً إن الموتة إن الموته الأولى لن تنقلك إلى الآخرة لكي يحصل لك يقيناً قطعيناً إن الموته الأولى ليس المقصود منها هي الموته قبل الدنيا
-٦ -
قال تعالى : ( وإذ قُلتُم يا مُوسى لَنْ نُؤمنَ لكَ حتى نرى اللهَ جَهرَةً فأخَذَتكُم الصَّاعِقَةَ وأنتُم تنظُرُونَ * ثُمَّ بعثناكُم مِنْ بَعدِ موتِكُم لَعَلَكُم تَشكُرُونَ ) سورة آية ٥٥ - ٥٦
الشاهد من الآية المباركة
من خلال مسار الآية القرآنية هكذا فلابد أن تكون عن موتتين لكي تنسجم الواقعة مع الآية ، فمسلم إن الموته الأولى بعد الدنيا فلابد البحث عن الموته الثانية وهي الموته التي تكون بعد الحياة البرزخية فيتبن هنالك رجعة وموتاً جديداً وهذا الواضح من الآية وإلا لاتستقيم الآية القرآنية مطلقاً من جميع النواحي المنطقية ضمن أصول الأستدلالات العلماء وعقلياً لدى مسالك العقلاء
ومن هنا يتضح بدون مخالفة الادراك العقلي
أولاً الموته الأولى هذه بعد الدنيا الموته العادية بعد النشأ الدنيوية
ثانياً الموتة الثانية تكون هي بعد الحياة البرزخية التي سوف يعود الأنسان منها إلى الدنيا بقدرة الله عزوجل وذلك الأنسان الذي محض الأيمان محضاً أو الكفر محضاً وستحدث الموتة الثانية بعد الرجعة
- ٧ -
قال تعالى : ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ) سورة المائدة آية ٢١
الشاهد من الآية المباركة
نلاحظ هنا إن الآية تشير إلى عذابين هما العذاب الأكبر والعذاب والعذاب الأصغر أي أن العذاب الأكبر هو عذاب الآخرة وماتنطلي عليه من آفات مختلفة ، والآخرة تتكون من مرحلتين هما
مرحلة عالم البرزخ أي من الموت إلى الحشر يعني برزخ
مرحلة عالم القيامة أي الأنتقال من الحشر إلى أبد الآبدين فمنهم فريق ينتقل إلى روضات الجناة المختلفة حسب الدرجات وفريق آخر ينتقل إلى نار جهنم وينسلي في السعير وبئس المصير وهذا الأنتقال كله يسمى العذاب الأكبر
وما معنى العذاب الأدنى لابد أن يكون المقصود منه عذاباً دنيوياً يصيبهم في عالم الدنيا وهذا ماذهب اليه أكثر المفسرين وهم يستدلون بهذه الآية على معنى العذاب الأدنى ، والله يصير أليه من محق الكفر محضاَ لكي يذوق العذاب الأدنى في الدنيا حتى يروا عظيم عذاب الله ولكي يفرح المؤمنون بنصر الله الذي أوعدهم به وحتى الذين محضوا الكفر محقاً يعانون العقاب الرباني الدنيوي بما أقترفوه من الكفر والظلم على العباد وهذه أمنية في نفوس المؤمنون الذين محضوا الأيمان محضاَ ليروا ويشاهدون العذاب الذي يعانون منه الجبابرة في الدنيا قبل الآخرة
ولايحدث ذلك إلا في الرجعة والتي لها أهداف تكريمية وأهداف جزائيه من الله جل وعلا وهذه خاصةً للأولياء والشهداء في دولة الأسلام الكبرى التي تظهر على العالم بأسره وسوف تتحقق في آخر الزمان أي أنا لكم زعيم لأأعيدكم تارةً أخرى
- ٨ -
قال تعالى : ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ) ( حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون ) ( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ) سورة النمل آية ٨٠ - ٨٤
الشاهد من الآية المباركة
أن الله جل وعلا يذكر في كتابه العزيز عن أحداث قبل الساعة ، وأحداث بعد الساعة التي لاريب فيها ثم قال الله سبحانه وتعالى
ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين )
وهذه قرينة أولى
القرينة الثانية من النص ( ويوم نحشر من كل أمة فوجاً ) هذا مايحدث قبل الساعة لأن في الساعة عشر أجزاء أم الكل بصريح قوله تعالى ( فحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) ً
وهذا ماذهب أليه الأمامية بأن الرجعة تتناول البعض ولن تتناول الكل بصريح النص القرآني ( ويوم نحشر من كل أمة فوجاً )
وقوله تعالى ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) وما من دابة إلا على الله رزقها ) ومعنى الدابة كل مادب على الأرض يطلق عليه دابة من الأنسان والحيوان ولكن العرف أختض الحيوان دون الأنسان وهذا عرف يخالق قوله جل وعلا
- ٩ -
قال تعالى : ( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) سورة يونس آية ٣٩
الشاهد من الآية المباركة
هذه الآية من الآيات المؤلة بالرجعة ، كما إن بعض الآيات القرآنية التي عبر عنها الأمام الباقر عليه السلام حيث قال هذة تجري كما تجري الشمس والقمر ) بمستقر لها وهي من الآيات الصادق تأويلها ولكن البعض الآخر من الآيات لم يصادق على تأويلها بعد كقول الله سبحانه وتعالى ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت
وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ) سورة يونس آية ٢٤
وتعتبر هذه الآية من الآيات المؤلة ولكن لم يأول تفسيرها بعد ، وإن الآيات التي تذكر الرجعة سوى أكانت صريحة التفسير أومؤلة يصل عددها إلى ٢٠٠ آية كما ذكرها البعض
الأدلة النقلية
من الطبيعي إن البشر لاتقتدي بماهية الأشياء بدون ممكنات تقضي الدلالة سوى أكانت البديهات تسترخ في المحسوسات كالعين بدلالاتها الوضعية والعقلية أوالمعنوية التي لايدرك البرهان منها سوى أعلام الورى الثقاة بالورع وطهارة المورد ، وطياً سأورد لكم بعض الروايات كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من المعجزات مباشرة منها كتسبيح الحصى في يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وهناك معجزات قد وقعت بيده بصورة غير مباشرة بل تسديداً من الله أستجابة لدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كقلع باب خيبر على يد أمير المؤمنين علي عليه السلام ، فهنا المعجزة وقعت بيد الأمام عليه السلام ولكنها هي أمتداداً نبوياً وتأدياً لرسالة السماء لرسول الرحمة والبركات محمد صلى الله عليه وآله وسلم
كما روي عن الأمام الهادي عليه السلام في الزيارة لجده أمير المؤمنين عليه السلام ، ومن خواص الأمام علي عليه السلام أنه معجزة لرسول الله صل الله عليه وآله بيد أن البعض بين مفرط وبين مفرط أي منهم من غلا ومنهم من فرط بحقه ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في علي ياعلي يهلك فيك أثنان عدو غال ومحب مغال ، أي هاجر مفارق والذين عادوا الأمام صلوات الله وسلامه عليه أكثر من الذين غالوا فيه ولكن الذين في الأمام قد ماتوا والذين عادوا الأمام قد نصبوا العداء لله ولرسوله
كما روي عن قصة ذي القرنين إنه ولي من أولياء الله الصالحين وقال البعض كان نبياَ وكان صلداً بدينه جلداً في أيمانه وقوياً في عقيدته بعثه الله أن يكون مبلغاً لقومه فدعاهم إلى التوحيد وعبادة الواحد القهار فعدوا عليه فضربوه على قرنه الأيمن فقتلوه والقصود بالقرن الأيمن هو الجانب الأيمن منه ، فأماته الله سبحانه وتعالى خمس مأة سنة ، ثم أعادة الله وأحياه في عالم الدنيا ، فدعى قومه مجدداً إلى الله جل وعلا وتمكن من أرساء عبادة الله تعالى في البلاد وأستطاع تطبيق مقاليد الدين أنذاك ، ورغم ذلك عدو عليه فضربوه على قرنه الأيسر فقتلوه مرة ثاثية
وقال الأمام علي عليه السلام عندما ذكر قصة ذي القرنين وقال وفيكم مثله بأعتبار إنه صلوات الله وسلامه عليه قد ضرب ضربتين أحداهن في مبارزة بن ولد العامري عندما تقابلا في معركة الخندق وكانت ضربة خفيفة عندها قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم برز الأيمان كله مقابل الشرك كله
والضربة الثانية هي ضربة عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة التي على أثرها أستشهد أمير المؤمنين عليه السلام
وإن الأحاديث النبوية يجوز الحوار والمناقشة فيها لأنها تعتمد على مقومات الدراية والمعرفة في السند والمتن وتطابقها مع مصاديق ومعاني آيات القرآن المجيد لاضير أن القرآن الكريم لايمكن بتاتاً الخوض في آياته مطلقاً وجعلها محوراً لأبداء الأراء ولوكانت آياته متشابهة في اللفظ والمعنى
وكما هو معروف لدى أعلام الورى في الدليل الشرعي قاعدة تطابق الأجيال التأريخية ، أي كل أمة من الأمم تتكرر فيها أحداث تأريخية معينة قد حدث سابقاً وسوف تحدث مستقبلاً كما روي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال لتركبن طبق على طبق أكثر المفسرون أن لم يكن جميعهم يفسرون ومن ضمنهم البخاري إنه قال لتركبن سنن جمع سنة ، تركبنَ سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ذراع بذراع حتى لودخلواجحراً لدخلتموه
وهذا الحديث إن دل على شئ أنما يدل على ماوقع في الأمم السابقة فأنه سيحدث ويتكرر وقوعه في هذا الأمة عاجلاً أم آجلاً
وهنلك كثير من الحقائق المقتبسة من الروايات فمثلاً أتى الله الأسكندر ملكاً عظيماً من شرق الأرض ومغاربها ، أي ملكاً واسعاً ولم يوتى بعد للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم يحكم الأسلام الدول كلها ولم يبسط نفوذه على العالم بأسره بل في حيز ضيق ضمن الدول الأسلامية المحدودة أن صح القول ولم يشمل أرجاء المعمورة والقرآن الكريم يصرح ويقول الله جل وعلا يظهره على الدين كله ، والمقصود بألأظهار جميع مقومات الأظهار المادي والمعنوي ، كالأظهار السياسي أي يحكم جميع دول العالم وهذا لم يحدث بعد
وقوله تعالى ليمكن لهم وكما أسلفنا التمكين المادي والدول الأسلامية اليوم متناحرة الأطراف وكل دولة تحكم حدودها ولاتطيق غيرها وتعتبره تدخل وغيرها من المسميات على حساب الدين وإن هذا التمكين لم يتحقق في عهد الرسول صل الله عليه وآله ولا الآن ولكن سوف يتحقق بأن الله عند ظهور حجة الله المهدي عجل الله فرجه الشريف وهو صاحب وخليفة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بقدر متيقن ولكن ليس بالضرورة أنها تتكرر في البدء أووسطها ولكن سوف يتحقق وعد الله وتكون في نهاية المسيرة
وإن كثير من العلماء أستدلوا من هذه الروايات على هذا القاعدة كقوله تعالى في عاقر ناقة صالح ، التي حدثت في الأمم السابقة فلابد أن تتحقق في هذه الأمة ، وهم يدلون في هذه الفترة ويقولون عاقر ناقة صالح عاقر هذه الأمة ، وإن عاقر ناقة صالح هو أشقى الأولين والآخرين كما يقولون أنه عبد الرحمن بن ملجم المرادي وكذا هنلك أشياء سوف تتكرر في هذه الأمة كما حدثت في الأمم السابقة كأحياء الموتى كانت من معاجز عيسى عليه السلام مع العلم إن أحياء الموتى لم يتحقق بعد في هذه الأمة وسوف تتكرر في هذه الأمة
بعد مراجعة مختلف المؤلفات التي تتعلق بالرجعة وأنواع كتب التفسير والتأريخ قد عرفنا الكثير عن هذا المفهوم من التفسير والتأويل ومتعلقات الأمم السابقة وأستنتجنا مايلي
أولاً أن كل فضيلة أعطاها الله جل وعلا للرسل والأنبياء السابقين إلا وأختزل مدلولها المادي والعنوي للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ووفرها له ضمن مصاديق حق اليقين بأعتباره أكمل الموجودات وسيد المخلوقات على الأطلاق وأنه على كمال وجودي بشري كما وصفه الله سبحانه وتعالى وأنك على خلقٍ عظيم
بيد أن الفلاسفة يقولون أن الله كمال مطلق أي أن له الوجود المطلق وواجب الوجود وكل شئ لايستقيم إلابوجوده لأنه وجد الوجود من العدم ، إنه الذي لايمكن أن يفتقر إلى شئ ، ولم يوجد كمال وجودي سواه وتتفوفر فيه جميع الكمالات الوجودية ، وما محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا كمال نسبي بشري وإن الله مافرق شيئاً في خليقته من الفضائل إلاعند المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أجتمعا وماعلي عليه السلام إلا أمتدادا لمعجزات الرسول وفضائل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حياتيه وبعد رجوعه في أخر الزمان وتقع المعجزة غداً على يد هم أمتداد للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم
مثلاً رجوع الشمس ليوشع عليه السلام في وقتها يعتبرونها العلماء أنما هي معجزة لنبي الله موسى مع العلم إن موسى لم يكن موجوداً أنذاك ، وإن يوشع قد عاش بعد وفاة هارون مع العلم إن هارون توفي بعد حياة موسى ويوشع كان وصيه مابعد مماته فأن الله عادة الشمس ليوشع عند قتال مدينة الجبارين والتي تسمى أريحا وهذه معجزة وقعت على يد يوشع وهي أمتداداً لرسالة موسى عليه السلام قال الرسول صل الله عليه وآله إنما يقوم بهذا الأمر في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان وهذا من معاني قوله
صلى الله عليه وآله وسلم : إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً ، فطوبى للغرباء . قيل : يا رسول الله ، ثم يكون ماذا ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ثم يرجع الحقّ إلى أهله
أي معناه أن الناس لم تعرف الأسلام على حقيقته وسوف يرونه غريباً لان أحكامه لم تطبق بصورة صحيحة
المبحث الخامس
الشبهات
أعتباراً لاأعتباطاً لقد تعرضت عقائد أهل البيت عليهم السلام كالنبوة والأمامة والرجعة وهي تعتبر من ضروريات المذهب ، لشبهات المعاندين التي لاطائل لها سوى البغض والعداء للحق وأصحابه على طول مسيرة التأريخ المليئة بالمفارقات والأطروحات التي لاتتسم بموضوعية المعنى ولاالفحوى سوى أنها سفسطة مقابل الصدق والحق المعروف لأهل البيت صلوات الله عليهم وشيعتهم الذين أعتصموا بالولاية على شطريها والمودة لهم ، بيد أن الشواهد التي أرخت إن دلت على إنما تدل على تعصباُ فاحشاً بالكذب والأفتراء ، وهذا ماقرأناه من ميراث الأفك لدى الأموين والعباسين وهم على محك من هذة الأقاويل التي يتخذونها ذريعة لأرضاء ترهاتهم تعصباً وتعنتاً ونصب الحقد والكراهية لأهل البت صلوات الله عليهم
وإن الرجعة تعتبر من أسرار وفضائل وكرامات أهل البيت صلوات الله عليهم التي ستقع على يد العترة الطاهرة هي أمتداداَ لمعجزات الرسول صلى الله عليه وآله ، والرجعة هي أحدى عقائد الأمامية وهنا سنذكر بعض الشبهات والرد الوافي عليها ضمن مصاديق الصدق والأدراك ليكون الحق جلياً وأسداء الستار على ردود أقوالهم ودعواهم التي لاترقى للحوار والمناقشة ومصطلح النقد والنقد الذاتي فكيف إذن للصواب
وفيما يلي أهم الشبهات التي أثارها منكري الرجعة
الشبهة الاُولى
ظهور اليهودية في التشيع بالقول بالرجعة
يقول أحمد أمين في كتابه (فجر الاِسلام) : فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة ! وقد أجاب أعلام الطائفة بما يفنّد مدّعاه الذي لا يقوله ذو مِسكه إذا أراد الانصاف .
يقول الشيخ المظفر : فأنا أقول على مدّعاه : فاليهودية أيضاً ظهرت في القرآن بالرجعة ، كما تقدم ذكر القرآن لها في الآيات المتقدمة (3)، ونزيده فنقول : والحقيقة أنه لا بدَّ أن تظهر اليهودية والنصرانية في كثير من
المعتقدات والاَحكام الاِسلامية ، لاَنَّ النبي الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم جاء مصدّقاً لما بين يديه من الشرائع السماوية ، وإنْ نسخ بعض أحكامها ، فظهور اليهودية أو النصرانية في بعض المعتقدات الاِسلامية ليس عيباً في الاِسلام ، على تقدير أنّ الرجعة من الآراء اليهودية كما يدّعيه هذه الكاتب ).
ويقول الشيخ كاشف الغطاء قدس سره : ليت شعري هل القول بالرجعة أصل من أصول الشيعة وركن من أركان مذهبها حتى يكون نبزاً عليها ، ويقول القائل : ظهرت اليهودية فيها ! ومن يكون هذا مبلغ علمه عن طائفة ، أليس كان الاَحرى به السكوت وعدم التعرّض لها ؟ إذا لم تستطع أمراً فدعه .
وعلى فرض أنها أصل من أصولهم ، فهل اتّفاقهم مع اليهود بهذا يوجب كون اليهودية ظهرت في التشيع ، وهل يصحّ أن يقال إنّ اليهودية ظهرت في الاِسلام ، لاَنّ اليهود يقولون بعبادة إله واحد والمسلمون به قائلون ؟! وهل هذا إلاّ قول زائف واستنباط لايرقى للمصاديق الأساسية للحقية وهو معلول الأطراء الموضوعي).
الشبهة الثانية
الرجعة تفضي إلى القول بالتناسخ
وللجواب على هذه الشبهة لا بدَّ من بيان عدّة أُمور
ـ تواترت الروايات عن أئمة الهدى عليهم السلام على بطلان التناسخ وامتناعه، واتّفقت كلمة الشيعة على ذلك وقد كتبوا في ذلك مقالات ورسائل
سأل المأمون الاِمام الرضا عليه السلام : ما تقول في القائلين بالتناسخ ؟ فقال عليه السلام : «من قال بالتناسخ فهو كافر مكذّب بالجنة » (2) -
ويقول الشيخ الصدوق قدس سره : القول بالتناسخ باطل ، ومن دان بالتناسخ فهو كافر ، لاَنّ في التناسخ إبطال الجنة والنار (3) -
2 ـ إنَّ الذين يقولون بالتناسخ هم أهل الغلو الذين ينكرون القيامة والآخرة ، وقد فرق الاَشعري في (مقالات الاِسلاميين) بين قول الشيعة بالرجعة وقول الغلاة بالتناسخ بقوله
واختلف الروافض في رجعة الاَموات إلى الدنيا قبل القيامة ، وهم فرقتان :
الاُولى : يزعمون أنّ الاَموات يرجعون إلى الدنيا (1) قبل يوم الحساب ، وهذا قول الاَكثر منهم (2)، وزعموا أنه لم يكن في بني إسرائيل شيء إلاّ ويكون في هذه الاُمّة مثله ، وإنّ الله سبحانه قد أحيا قوماً من بني إسرائيل بعد الموت ، فكذلك يحيي الاَموات في هذه الاُمّة ويردّهم إلى الدنيا قبل يوم القيامة
والثانية : وهم أهل الغلو ، ينكرون القيامة والآخرة ، ويقولون ليس قيامة ولا آخرة ، وإنّما هي أرواح تتناسخ في الصور ، فمن كان محسناً جُوزيَ بأن ينقل روحه إلى جسد لا يلحقه فيه ضرر ولا ألم ، ومن كان مسيئاً جُوزيَ بأن ينقل روحه إلى أجساد يلحق الروح في كونه فيها الضرر والاَلم ، وليس شيء غير ذلك ، وأنّ الدنيا لا تزال أبداً هكذا )
ومن درس تاريخ أهل البيت الاَطهار عليهم السلام وشيعتهم الاَبرار يلمس أنهم يكفّرون الغلاة ويبرأون منهم ، ولهم في هذا الباب مواقف مشهورة يطول شرحها
يقول الدكتور ضياء الدين الريس بعد تعداده لفرق الشيعة : وقد تزاد عليهم فرقة خامسة هي الغلاة ، ولكنها في الحقيقة ليست منهم ، بل يخرجها غلوّها عن دائرة الاِسلام نفسه
إنَّ من طعن في الرجعة باعتبار أنها من التناسخ الباطل ، فلاَنه لم يفرّق بين معنى التناسخ وبين المعاد الجسماني ، والرجعة من نوع المعاد الجسماني ، فإنّ معنى التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الاَول ، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني ، فإنَّ معناه رجوع نفس البدن الاَول بمشخصاته النفسية ، فكذلك الرجعة
وإذا كانت الرجعة تناسخاً ، فإنَّ إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام كان تناسخاً ، وإذا كانت الرجعة تناسخاً كان البعث والمعاد الجسماني تناسخاً)
وبعد هذا ليس لمتطفّل على العلم أن يقول : وفكرة الرجعة شبيهة مع فارق كبير إلى الفكرة التناسخية التي جاء بها فيثاغورس
الشبهة الثالثة
كيف يعود كفار الملة بعد الموت إلى طغيانهم ، وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ ، وتيقنوا بذلك أنهم مبطلون
قال الشيخ المفيد قدس سره : ليس ذلك بأعجب من الكفار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحلَّ بهم من العذاب ويعلمونه ضرورة بعد المدافعة لهم
والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا ، فيقولون حينئذ ( يَاليتَنَا نُرَدُّ ولا نُكَذِّبَ بآياتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ ) فقال الله عزَّ وجل : ( بَل بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخفُونَ مِن قَبلُ وَلَو رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنهُ وإنَّهُم لكاذِبُونَ )
الشبهة الرابعة
قال أبو القاسم البلخي : لا تجوز الرجعة مع الاِعلام بها ، لاَنَّ فيها إغراء بالمعاصي من جهة الاتكال على التوبة في الكرة الثانية .
الجواب : إنَّ من يقول بالرجعة لا يذهب إلى أنّ الناس كلهم يرجعون ، فيصير إغراء بأنّ يقع الاتكال على التوبة فيها ، بل لا أحد من المكلفين إلاّ ويجوز أن لا يرجع ، وذلك يكفي في باب الزجر (4).
الشبهة الخامسة
الرجعة تنافي التكليف
الجواب : القول بمنافاة الرجعة للتكليف جعل بعض الشيعة يتأولونها على وجه إعادة الدولة لا إعادة أعيان الاَشخاص ، وبما أنّ هذا الاَمر من الاَمور الغيبية ، فلا يمكن إصدار الحكم القطعي عليه ، لكن عامة أعلام
الطائفة يقولون إنّ الدواعي معها متردّدة ، أي إنها لا تستلزم التكليف ولاتنافيه ، وإنّ تكليف من يعاد غير باطل ، وقد أجابوا على مايترتّب على ذلك من إشكالات .
يقول السيد المرتضى قدس سره : إنَّ الرجعة لا تنافي التكليف ، وإنّ الدواعي مترددة معها حتى لا يظنَّ ظان أنّ تكليف من يعاد باطل ، وإنّ التكليف كما يصحّ مع ظهور المعجزات والآيات القاهرة ، فكذلك مع الرجعة لاَنّه ليس في جميع ذلك ملجىء إلى فعل الواجب والامتناع من فعل القبيح (1).
أما من هرب من القول بإثبات التكليف على أهل الرجعة لاعتقاده أنّ التكليف في تلك الحال لا يصحّ ، لاَنّها على طريق الثواب وإدخال المسرّة على المؤمنين بظهور كلمة الحقّ ، فيقول السيد المرتضى : هو غير مصيب، لاَنّه لا خلاف بين أصحابنا في أنَّ الله تعالى ليعيد من سبقت وفاته من المؤمنين لينصروا الاِمام وليشاركوا إخوانهم من ناصريه ومحاربي أعدائه وأنّهم أدركوا من نصرته ومعونته ما كان يفوتهم لولاها ، ومن أُعيد للثواب المحض فمما يجب عليه نصرة الاِمام والقتال عنه والدفاع (2).
وهؤلاء المتهربون من القول باثبات التكليف ، تأولوا الرجعة على أنها تعني إعادة الدولة والاَمر والنهي لا عودة الاَشخاص ، ذلك لاَنهم عجزوا عن نصرة الرجعة ، وظنوا أنها تنافي التكليف ، يقول الشيخ أبو علي الطبرسي قدس سره : وليس كذلك ، لاَنه ليس فيها ما يلجيء إلى فعل الواجب
والامتناع من القبيح ، والتكليف يصحّ معها كما يصحّ مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر وقلب العصا ثعباناً وما أشبه ذلك
ولاَنّ الرجعة لم تثبت بظواهر الاَخبار المنقولة فيتطرق التأويل عليها ، وإنّما المعول في ذلك على اجماع الشيعة الاِمامية ، وإن كانت الاَخبار تعضده وتؤيده
توبة الكفار
إن قيل : إذا كان التكليف ثابتاً على أهل الرجعة ، فيجوز تكليف الكفار الذين استحقوا العقاب ، وأن يختاروا التوبة .
قال الشيخ المفيد قدس سره : إذا أراد الله تعالى (رجعة الذين محضوا الكفر محضاً) أوهَمَ الشياطين أعداء الله عزَّ وجل أنهم إنّما رُدّوا إلى الدنيا لطغيانهم على الله ، فيزدادوا عتّواً ، فينتقم الله منهم بأوليائه المؤمنين ، ويجعل لهم الكرة عليهم ، فلا يبقى منهم أحد إلاّ وهو مغموم بالعذاب والنقمة والعقاب ، وتصفو الاَرض من الطغاة ، ويكون الدين لله ، والرجعة إنما هي لممحضي الاِيمان من أهل الملة وممحضي النفاق منهم دون من سلف من الاُمم الخالية
وأجاب السيد المرتضى قدس سره عن هذا بجوابين
أحدهما : إنّ من أُعيد من الاَعداء للنكال والعقاب لا تكليف عليه ،
وإنّما قلنا إنّ التكليف باقٍ على الاَولياء لاَجل النصرة والدفاع والمعونة .
والجواب الآخر : إنَّ التكليف وإن كان ثابتاً عليهم ، فيجوز أنهم لايختارون التوبة ، لاَنا قد بيّنا أنّ الرجعة غير ملجئةٍ إلى قول القبيح وفعل الواجب وإنّ الدواعي متردّدة ، ويكون وجه القطع على أنهم لا يختارون ذلك ممّا علمنا وقطعنا عليه من أنهم مخلدون لا محالة في النار (1)، قال تعالى : ( وعَدَ اللهُ المنافِقِينَ والمنُافِقاتِ والكُفارِ نَارَ جَهَنَمَ ) (2)، وقال تعالى : ( وَليستِ التَوبةُ للَّذينَ يَعملُونَ السَيئاتِ حتى إذا حَضَرَ أحدَهُمُ المَوتُ قالَ إني تُبتُ الآنَ ولا الَّذينَ يموتُونَ وهُم كُفارٌ ) (3
الشبهة السادسة
الظاهر من قوله تعالى حَتَّى إذَا جَآءَ أحَدَهُمُ المَوتُ قَالَ رَبِّ ارجِعُونِ * لَعَلِّي أعمَلُ صَالِحاً فِيما تَرَكتُ كَلاَّ إنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قآئلُهَا وَمِن وَرآئهِم بَرزَخٌ إلى يَومِ يُبعَثُونَ ) (3) نفي الرجوع إلى الدنيا بعد الموت ، فكيف يمكن التوفيق بين القول بالرجعة وبين ما يدلّ عليه ظاهر الآية ؟
الجواب من عدّة وجوه
أولاً : إنّه ليس في الآية شيءٌ من ألفاظ العموم ، فلعلَّ المشار إليهم لا يرجع أحد منهم ، لاَنَّ الرجعة خاصّة كما تقدّم
ثانياً : إنَّ الذي يفهم من الآية أنّ المذكورين طلبوا الرجعة قبل الموت لا بعده ، والذي نقول به ونعتقده هو الرجعة بعد الموت ، فالآية لا تنافي صحّة الرجعة بهذا المعنى
ثالثاً : إنَّ الظاهر من الآية هو إرادة الرجعة مع التكليف في دار الدنيا ، بل يكاد يكون صريح معناها ، ونحن لا نجزم بوقوع التكليف في الرجعة ، وأنّ الدواعي معها متردّدة ، وأنه أمر منوط بعلم الغيب ، ولا يفصح عنه إلاّ المستقبل
الشبهة السابعة
أحاديث الرجعة موضوعة
الشبهة السابعة : أحاديث الرجعة موضوعة .
الجواب : هذه الدعوى لا وجه لها ، ذلك لاَنَّ الرجعة من الاُمور الضرورية فيما جاء عن آل البيت عليهم السلام من الاَخبار المتواترة ، وعلى تقدير صحّة هذه الدعوى ، فإنه لا يعتبر الاعتقاد بها بهذه الدرجة من الشناعة التي هوّلها خصوم الشيعة ، وكم من معتقدات لباقي طوائف المسلمين لم يثبت فيها نصّ صحيح ، ولكنها لم توجب تكفيراً وخروجاً عن الاِسلام ؟
ولذلك أمثلة كثيرة ، منها الاعتقاد بجواز سهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عصيانه ، ومنها الاعتقاد بقدم القرآن ، ومنها القول بالوعيد ، ومنها الاعتقاد بأنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينصّ على خليفةٍ من بعده (1).
وقد بيّنا في الدليل الثالث من الفصل الثاني ثبوت الاعتقاد بالرجعة عند أئمة الهدى من عترة المصطفى عليهم السلام وذلك لتواتر الروايات التي نقلها الثقات عنهم عليهم السلام .
الشبهة الثامنة
الرجعة محدودة في زمان النبوة
قيل : إنَّ الرجعة لا تجوز إلاّ في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليكون معجزاً له ودلالة على نبوته .
قال الشيخ الطبرسي : وذلك باطل ، لاَنَّ عندنا بل عند أكثر الاُمّة يجوز إظهار المعجزات على أيدي الاَئمة والاَولياء ، والاَدلة على ذلك مذكورة في كتب الاَُصول
النتائج
إعلم أن أيام المجازات على الإعمال ثلاث
أولاً الدنيا : فأما الإعمال التي لا إيمان معها عن تعمد أو لا إخلاص فجزاؤها في الدنيا بدفع بعض البلايا وأدرار الرزق وكثرة الأموال والأرزاق
ثانياً البرزخ : وأما الإعمال التي لا إيمان معها عن جهل وما أشبه ذلك من خطب وغفلة فجزاؤها في البرزخ بدفع عذاب القبر أو فتح باب من الجنة إلى القبر فيدخل عليه الروح
ثالثاً الآخرة : وإما الإعمال التي وقعت عن إيمان ومعرفة فجزاؤها في الآخرة وتسمى الإعمال وتوصف بمحلها وتنسب إلى أوقات المجازات عليها
فالإعمال البرزخية التي يكون المجازات عليها في البرزخ إذا كان من أهل (الرجعة) وقعت المجازات عليها في (الرجعة) لان الرجعة من نوع البرزخ إلا ترى إن المؤمن إذا مات التحقت روحه بجنة الدنيا وان كان كافرا" أو مشركا" أو منافقا" التحقت روحه بنار الدنيا وجنة الدنيا هي الجنتان المد هامتان وهي تخرج في (الرجعة))
فإذا كان على المكلف أو له شيء من المجازات البرزخية كان المحاسب عليها هو الحسين عليه السلام وأما ما لا يتعلق بتلك الإعمال البرزخية من الإعمال الأخروية إذا كان حوسب المكلف على الإع